viewers

الجمعة، 13 يوليو 2012

تفسير سورة الناس للامام الطبرى

تفسير سورة الناس(الطبرى)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا 
محمد أستجير ( برب الناس ملك الناس وهو ملك جميع الخلق : إنسهم وجنهم ، وغير ذلك ، إعلاما منه بذلك من كان يعظم الناس تعظيم المؤمنين ربهم أنه ملك من يعظمه ، وأن ذلك في ملكه وسلطانه ، تجري عليه قدرته ، وأنه أولى بالتعظيم ، وأحق بالتعبد له ممن يعظمه ، ويتعبد له ، من غيره من الناس . 

وقوله : ( إله الناس يقول : معبود الناس ، الذي له العبادة دون كل شيء سواه . 

وقوله : ( من شر الوسواس يعني : من شر الشيطان ( الخناس ) الذي يخنس مرة ويوسوس أخرى ، وإنما يخنس فيما ذكر عند ذكر العبد ربه . 

ذكر من قال ذلك : 

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن سفيان ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما من مولود إلا على قلبه الوسواس ، فإذا عقل فذكر الله خنس ، وإذا غفل وسوس ، قال : فذلك قوله : ( الوسواس الخناس 

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن سفيان ، عن ابن عباس ، في قوله ( الوسواس الخناس قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ،فإذا سها ص: 710 ] وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس 

قال : ثنا مهران ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد الوسواس الخناس قال : ينبسط فإذا ذكر الله خنس وانقبض ، فإذا غفل انبسط 

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عنمجاهد ، في قوله ( الوسواس الخناس قال : الشيطان يكون على قلب الإنسان ، فإذا ذكر الله خنس 

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة الوسواس ) قال : قال هو الشيطان ، وهو الخناس أيضا ، إذا ذكر العبد ربه خنس ، وهو يوسوس ويخنس 

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة من شر الوسواس الخناس يعني : الشيطان ، يوسوس في صدر ابن آدم ، ويخنس إذا ذكر الله 

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن أبيه ، قال : ذكر لي أن الشيطان - أو قال الوسواس - ينفث في قلب الإنسان عند الحزن وعند الفرح ، وإذا ذكر الله خنس 

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( الخناس ) قال : الخناس الذي يوسوس مرة ، ويخنس مرة من الجن والإنس ، وكان يقال : شيطان الإنس أشد على الناس من شيطان الجن ، شيطان الجن يوسوس ولا تراه ، وهذا يعاينك معاينة 

وروي عن ابن عباس رضى الله عنه أنه كان يقول في ذلك ( من شر الوسواس الذي يوسوس بالدعاء إلى طاعته في صدور الناس ، حتى يستجاب له إلى ما دعا إليه من طاعته ، فإذا استجيب له إلى ذلك خنس 

ذكر من قال ذلك : 

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله ( الوسواس ) قال : هو الشيطان يأمره ، فإذا أطيع خنس 

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من شر شيطان يوسوس مرة ويخنس أخرى ، ولم يخص وسوسته على نوع من أنواعها ، ولا خنوسه على وجه دون وجه ، وقد يوسوس بالدعاء إلى معصية الله ، ص: 711 ] فإذا أطيع فيها خنس ، وقد يوسوس بالنهي عن طاعة الله فإذا ذكر العبد أمر ربه فأطاعه فيه ، وعصى الشيطان خنس ، فهو في كل حالتيه وسواس خناس ، وهذه الصفة صفته . 

وقوله : ( الذي يوسوس في صدور الناس يعني بذلك : الشيطان الوسواس ، الذي يوسوس في صدور الناس : جنهم وإنسهم . 

فإن قال قائل : فالجن ناس ، فيقال : الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس . قيل : قد سماهم الله في هذا الموضع ناسا ، كما سماهم في موضع آخر رجالا فقال : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فجعل الجن رجالا وكذلك جعل منهم ناسا . 

وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث ، إذ جاء قوم من الجن فوقفوا ، فقيل : من أنتم ؟ فقالوا : ناس من الجن ، فجعل منهم ناسا ، فكذلك ما في التنزيل من ذلك . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق